المتابعين الافاضل اينما كنتم حول العالمعبرصفحات الجمهوريه..
السيدات والساده:
ان مصر تنفق 10 مليارات دولار سنويا، ما يعادل 480 مليار جنيه، على 9 ملايين لاجئ ومهاجر فى مصر، تصريح أراه مهماً، حيث جاء على لسان الرئيس عبدالفتاح السيسى، وتبرز أهمية هذا التصريح أيضاً لعدة أسباب جوهرية منها:
– لأول مرة يتم إعلان العدد الرسمى للاجئين والمهاجرين فى مصر.
– لأول مرة يتم إعلان التكلفة المباشرة لإعاشة هؤلاء اللاجئين، والتى تتحملها مصر بالكامل.
– العدد الرسمى الذى تعتمده الوكالة الدولية لغوث اللاجئين ٥٦٩ ألفاً فقط الموجودين فى مصر.
الأرقام الثلاثة مخيفة، فكيف لدولة تعانى من أزمة اقتصادية لأسباب خارجة عن إرادتها، منها الحروب المشتعلة فى المنطقة والتى أثرت على دخل قناة السويس المصدر الرئيسى للعملة الصعبة لمصر، وانخفاض أعداد السائحين المصدر الثانى للعملة الأجنبية، أن تتحمل ١٠ مليارات دولار -يقارب دخل مصر من قناة السويس قبل الحرب فى خليج عدن- لصالح أغراب -مع احترامى لهم وتقديرى للظروف التى دفعتهم للجوء إلى مصر- وليس لصالح مواطنيها؟ وهذا المبلغ هو التكلفة المباشرة فقط، بالإضافة إلى التكلفة غير المباشرة، المتمثلة فى الاستفادة من دعم الطاقة (بنزين وكهرباء وغاز)، والعلاج فى المستشفيات الحكومية، وباقى الخدمات.
وكيف لدولة عدد سكانها ١٠٦ ملايين نسمة أن تتحمل كثافة سكانية إضافية قوامها ٩ ملايين أجانب، يزاحمون المائة مليون فى قوت يومهم، وفى الشوارع، وفى وسائل المواصلات، وفى فرص العمل؟.. وهذا هو منطق كل دول العالم -الغنية والفقيرة والعظمى والنامية- فى استقبال اللاجئين، بما لا يؤثر على حياة المواطنين الأصليين ولا على موازنة الدولة. ودول كثيرة تطلب المساعدة عندما يزيد العدد عن طاقتها، وأحيلكم لما فعله الرئيس التركى أردوغان عندما طلب من الاتحاد الأوروبى زيادة الدعم المقدم لبلاده بعد أن زاد عدد اللاجئين السوريين فى تركيا وبالفعل حصل على ما يريد!
إذاً فليس عيباً ولا حراماً أن نطلب من الدول الكبرى والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى مساعدتنا فى الإنفاق على من تستضيفهم مصر مجبرة من منطلق الواجب والجيرة والإنسانية، لأنه يجب ألا يتم ذلك على حساب المواطن الذى يعانى بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التى تعرض لها نتيجة أزمات دولية وحروب إقليمية أفرزها نظام عالمى مختل الموازين ومنزوع العدل.. وبخاصة إذا كانت مصر تنفرد عن كل دول العالم بأنها تعامل أى لاجئ مثل المواطن المصرى، وتمنحه جميع الحقوق والمميزات التى يحصل عليها المصريون، وهى الدولة الوحيدة التى لا تضع اللاجئين فى خيام أو معسكرات تحيطها أسلاك شائكة، بعكس دول كثيرة -بعضها دول كبيرة وغنية- تفعل ذلك وتعاملهم بلا آدمية وبدونية.
تحملت مصر ما لا يطاق طوال السنوات الماضية بسبب اللاجئين -لدينا لاجئون من ٦٢ دولة- فبعد اندلاع أحداث سوريا، لجأ عدد كبير من السوريين إلى مصر وما زالوا يتدفقون، ثم الحرب فى اليمن؛ حيث ترك اليمنيون أرضهم ولجأوا للشقيقة الكبرى، وتفاقمت أزمة ليبيا، فاستقبلت الإخوة الليبيين، وبعدها اشتعلت الحرب فى السودان، فنزح الأشقاء السودانيون أيضاً إلى مصر، وأصبحت هناك أحياء كاملة يقتنها السوريون، وثانية لليمنيين، وثالثة لليبيين، وأخرى للسودانيين. بالإضافة إلى اللاجئين الأفارقة من إريتريا والصومال وإثيوبيا. والأغلبية العظمى من الـ٩ ملايين لا يملكون بطاقات إقامة، وتتراوح قدرتهم المادية ما بين ميسورين -نسبة ضئيلة- ومعدومين وهم كُثر. وبلغت بجاحة لاجئ أن كتب «بوست» على صفحته فى (فيس بوك) يسأل أصدقاءه ماذا يفعل إذا كان لا يملك إقامة، ويريد أن (يفتح محل أغذية)؟!، فنصحوه بأن يفعل كما فعل غيره، وأن يكتب (المحل) باسم أى مواطن مصرى للحصول على الترخيص، فى مقابل أن يحرر له صكوكاً بقيمة المحل ليضمن حقه، وقالوا إن تسعيرة هذه الصفقة معروفة!.. وطبعاً هذا ليس فى صالح الاقتصاد. وأعلم أن الدولة حذرت مؤخراً من الوجود فى مصر دون إقامة، ومنحت المخالفين مهلة حتى الشهر القادم، لكن ذلك لن يحل إلا جزءاً بسيطاً من المشكلة.
وظنى أنه لا بد من اتخاذ إجراءات سريعة وتشكيل «لجنة أزمة» تضم ممثلين عن مجلس النواب ووزارات المالية والخارجية والتعاون الدولى، لتبدأ على الفور فى إعداد ملف كامل عن اللاجئين فى مصر، يحتوى على العدد الإجمالى للاجئين وجنسياتهم والعدد الموجود من كل دولة ووقت دخولهم مصر، والتكلفة الكاملة التى تحملتها مصر خلال فترة وجودهم. وتقوم هذه اللجنة بالتواصل مع الجهات والدول المانحة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى للمساهمة فى تكلفة إعاشة اللاجئين إلى حين مغادرتهم مصر وعودتهم إلى بلادهم، وهذا حق أصيل لمصر، بل لا بد أن تحصل عليه بأثر رجعى.
اللافت للنظر -والمؤسف- أن آخر تقرير لمفوضية شئون اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة، لم يذكر اسم مصر ضمن الدول الإحدى عشرة الكبرى فى استضافة اللاجئين على مستوى العالم، فقد ذكر التقرير أن الدولتين الأولى والثانية هما إيران وتركيا؛ حيث تستضيف كل منهما ٣٫٤ مليون، تليهما ألمانيا وكولومبيا ٢٫٥، ثم باكستان ٢٫١، وأوغندا ١٫٥، وروسيا ١٫٢، وبولندا ٩٨٩ ألفاً، وبيرو ٩٨٧ ألفاً، وأخيراً بنجلاديش ٩٦١ ألفاً.
وهذا يعنى أن المفوضية لم تضع مصر على خريطة الدول المستضيفة للاجئين، إما متعمدة أو لأنها لم تتلق الأرقام الحقيقية. اللاجئون أصبحوا قنبلة موقوتة تهدد الدول التى يلجأون إليها، وهم فى زيادة مضطردة، حيث زاد عددهم العام الماضى فقط ١٫٢ مليون بنسبة ٣٪، وأرجعت المفوضية سبب ذلك إلى الحرب فى السودان؛ ما دفع السودانيين إلى الفرار.. وهذا يدفعنا إلى المطالبة بإعادة النظر فى تعريف اللاجئ الذى جاء وفقاً لاتفاقية 1951، فلا بد أن يضاف على هذا التعريف «الهاربون من الموت بسبب الحروب الأهلية أو من بطش المستعمر والمحتل».